رواية (المذكرات الملعونة)
الفصل الثامن8
بقلم اماني الشهيد
عاد الشيخ محمود الى منزله يعتب على زوجته ما فعلته فى حق ليلة ،،!! البنت اليتيمة وكيف له أن يواجه الناس بجهل خرج من أهل بيته ،،؟؟!!
وهو دائما ينصح الناس فى الجامع بأن يكفوا عن تتبع الجهل والجاهلين ،،
عاتب الشيخ زوجته وسألها كيف تسمع كلام جاهلة مثل سعاد هذه ،،؟؟ وهى تعرف أن الله له مقدرات فى خلقه لا دخل للإنسان فيها ،،
فما كان من زوجته إلا أن أصرت على رأيها ،، وقالت له إنها لمست فى أولادها تغير حالهم للأسوء كما قالت لها سعاد ،،
وبدأت تروى له حكايات عن من أذتهم ليلة بنحسها ، والتى روتها لها سعاد من وجهة نظرها ،،
خاطبها الشيخ بالحسنى وأخذ يعرض لها الأحاديث عن الرسول وهى لا تقتنع بل وتجادلة بالباطل ،،
ومع إحتدام الخلاف بينهم وإصرار زوجته على رأيها قال لها الشيخ أنه سيأتى بليلة ليعلمها ويحفظها القرآن كما كان يحدث سابقاً وعليها تقبل هذا ،،
لكنها لم تقبل بهذا الأمر وأصرت على رأيها بل وخيرته بين إستمرار حياتهما معاً ، أو أن يأتى بهذه الطفلة المنحوسة الى بيتهم ،،
كان الشيخ محمود يصر على رأيه لعلمه إنه على حق ، وقال فى نفسه لن أستسلم لهذا الجهل وسوف أحاربه ، وتألم كثيراً من موقف زوجته ،،!! وحاول أن يُقنعها بكل الطرق لكنها لم تقتنع ،،
وبقيت على رأيها فإضطر الشيخ أن يرفض ما قالته ويختار أن يبقى مع الحق ، وقال لها أن بإمكانها العودة لبيت أهلها لكنها لن تأخذ الأولاد معها ، وكان هذا تهديد منه لها عسى أن تتراجع لكن فات الأوان وسيطر الشيطان وبالفعل حزمت أغراضها وتركت المنزل ،،
🌠🌠🌠
لم يكن الشيخ محمود يود حدوث هذا لكنه حدث ، وذهبت زوجته وتركت له الأولاد ليتحير بهم ، ولم يعد قادر على التوفيق بين بيته ومتطلبات أولاده والعمل بالجامع ، فأصبح يتأخر على الصلوات وتعسرت حياته كثيراً ، وفكر أن يذهب لجدة ليلة يطلب مساعدتها ، لكنه تراجع لعلمه بتفكير الناس وثرثرتهم فى هذه الحالة مع إن جدة ليلة تكبرة بأكثر من خمسة عشر عاما ويزيد لكن كلام الناس لا يترك أحد بحاله ،،
ومرت عدة أيام على حال الشيخ وهو هكذا فقد كان يترك البيت أوقات الصلاة ويوصى إبنه محمد بمراعات أخوته حتى يعود ،،
وكانت سعاد تتردد على بيت الشيخ فى أوقات الصلاة حتى لا يراها الشيخ ،،
ذهبت سعاد الى بيت الشيخ فخرج لها أبنه محمد ، وعندما سألته عن أمه قال لها إنها خارج المنزل ،،
ولم يطيل الكلام معها وذهبت سعاد دون أن تعرف شيء ،،
وبعد مرور يومين عاودت سعاد الزيارة لبيت الشيخ فخرج لها محمد أيضا وقال لها نفس كلامه الأول فسألته قائلة : وأين ذهبت ؟؟
لأنى أريدها فى موضوع مهم ،،
فقال لها الطفل ببراءة هى عند جدى ،،
فقالت له بخبث : ومتى ستأتى ؟؟
فرد عليها قائلاً : لا أدرى ، ممكن أن تبقى لعدة أيام ،،
وبخبث فكرت سعاد وربطت الأمر كله بليلة المسكينة ، ودارت على نساء القرية تحكى لهم أن ليلة تسببت بخراب بيت الشيخ ،،
وهذا كله حدث لهم عندما لم تسمع منها زوجة الشيخ ، وتركت ليلة معهم بالبيت ،،
ولم يكن للقرية حديث سوى عن ليلة ، وإنها المسؤولة عن خراب بيت الشيخ ،،
وترسخ إعتقاد أهل القرية أكثر وأكثر بأن ليلة طفلة منحوسة ، ولم يرجع أحد منهم لعقله وفكر بعقلانية بل نبذوا الجدة وحفيدتها وإعتقدوا إنهم على حق ،،
والشيخ محمود لم يدع طريقة إلا ودعاهم بها ولا حياة لمن تنادى ،، وكان من الصعب عليه أن يحارب الجهل دون أن يجد نتيجة ملموسة أمامه ، أو يجد تغير ولو حتى بسيط فى معاملة أهل القرية لليلة وجدتها ،،
فضاق بهم ذرعاً ويأس منهم ، وطلب أن ينقل عمله من هذه القرية الى مكان آخر ، وبالفعل ذهب الشيخ وترك ليلة وجدتها لا أحد يدافع عنهم ضد جهل هؤلاء الجهلاء ،،
🌠🌠🌠
مرت عدة شهور أخرى والحال هو الحال ، وجدة ليلة تخرج الى القرى الأخرى تبحث عن أى عمل يعينها على شراء حاجياتها ، أحياناً تأخذ ليلة معها وأحيانا تتركها بالبيت ، وأهل القرية لم يعودوا يهتموا لحالهم ، المهم إنها بعيدة عنهم هى وحفيدتها
،،،
بقيت الأيام تمر وبقيت الجدة تجاهد من أجل حفيدتها وكلما أغلق الناس فى وجهها باب تتوجه لباب آخر حتى مر على حالهم هكذا عشر سنوات ، وبلغت ليلة من العمر سبعة عشر عاما ،،
وأصبحت فتاة جميلة بقوام جذاب وشعر أسمر طويل ، وبالرغم من هذا كله فقد كانت جدتها تجبرها على إخفاء هذا الجمال كله إذا خرجت معها للعمل خارج القرية فتجعلها ترتدى ملابس لا تناسب جمالها ، وقوامها وتربط شعرها بإحكام حتى لا يتحرر تحت حجابها فينتبه لجمالها أحد ويطمع فيها ، وهم ضعفاء ولا أحد يقف معهم ويدافع عنهم ،،
وكانت الجدة دائما تذكرها بهذه الأشياء حتى لا تنساها ،،
ولكن ليلة لم تكن لتنسى شيء حدث معها فقد كانت ومنذ عدة سنوات
مضت ، تنعزل وحيدة تبكى وتتذكر ماحدث لها ، ولا تجد أحد تشكو له حالها سوى الله وبعض الأوراق تخط عليها ، وتكتب بدموعها فيها كل ألمها وحزنها وكلما رماها أحد من القرية بكلمة ترجع الى مذكراتها وتشكو لها وكان هذا هو الشئ الوحيد الذى يدخل على قلبها الراحة ،،
ضمت هذه المذكرات كل شيء تذكره ليلة عن حياتها وكل حزن وألم مر عليها ،،
تعليقات: 0
إرسال تعليق