رواية (المذكرات الملعونة)
الفصل التاسع9
بقلم اماني الشهيد
لم يكن أحد يعرف ليلة الإنسانة ، ولا أحد إهتم أن يعرفها ، فقد أصبحت بعد كل ما واجهته من ظلم الناس لها ،،
هى نفسها تبتعد بمقدار مناسب عنهم حتى لا يصيب أحد منهم مكروه فيتهمونها إنها السبب ،،
حتى عندما تذهب مع جدتها للبحث عن عمل خارج البلدة تختار أن تقوم بعمل منفرد حتى لا تؤذى أحد ،،
وأصبح يترسخ بداخلها شعور إنها بالفعل تتسبب بأذية من يقترب منها ،،
ولم تكن تعرف فى الدنيا غير هذا العالم الذى فُرض عليها أن تعيشه ، وما عادت تتمنى سوى أن تعيش باقى حياتها بسلام ، وكأنها بلغت من العمر أرزله تعيش حياتها كأنها عجوز فى آخر عمرها ،،
لم تكن تهتم بأن تظهر شبابها ، وكانت دائما معصوبة الرأس لا يظهر من وجهها غير القليل ،،
وتتمنى وهى ذاهبة
للعمل أن لا يعرفها أحد وكل يوم يمر عليها ترجع فى المساء لتحكِ لمذكراتها كل ما حدث لها وكل مشاعرها ،،
تحكِ وكأنها تحكِ لصديقة عزيزة عليها ، كل شيء تحكيه ولا تُخفى عنها أى شيء ،،
مر عام ، وعام آخر ، ثم أعوام دون أن يتغير شيء فى حياة ليلة ،،
وكل التغير كان فى حياة جدتها فقد تجاوزت حفيدتها العشرين ولم يتقدم لخطبتها أحد والجدة تتقدم فى العمر وتحمل هم حفيدتها ، فقد تخلى عنها كل الناس
بما فيهم أعمامها فمنذ أن تجاوزت ليلة العاشرة وبدأت تخرج للعمل مع جدتها قطع أعمامها النفقة عنها ، وتركوها ولم يعاودوا السؤال عنها ، وكأنهم لم يكن لهم أخ يسمى حسان الراوى وله إبنة تسمى ليلة ،،
حتى الجدة قاطعتهم لعدم سؤالهم عن إبنة أخيهم ،،
🌠🌠🌠
وكانت السنين تمر والجدة تتمنى أن ترى حفيدتها عروس قبل أن تنتهى رحلتها فى الدنيا ،،
ولكن كيف وقد منعت نساء القرية كلهم أبناءهم حتى الإقتراب من البيت الذى تسكنه ليلة ،،!!
فكيف يأتيها خاطب وهى لم يتقرب منها أحد ،،
بدأت الجدة لا تستطيع الذهاب للعمل مع حفيدتها كما فى السابق ،،
فكانت ليلة تذهب كل يوم تبحث فى البلاد المجاورة عن عمل
أحياناً تجد عمل ، وأحيانا لا يرضى صاحب العمل قبولها لوصوله خبر عنها من أى شخص حاقد يعرفها ويعرف حكايتها ،،
بقيت ليلة هكذا حتى ضاق بها الحال ولا تعرف لها مخرج مما هى فيه ،،
ولا تعرف من أين تأتى بنقود لتشتري لجدتها الدواء ، فقد أصبحت جدتها مريضة بعد رحلة شقائها بين الحقول ،،
ولم يعد أمام ليلة سوى أن تبحث بجد عن عمل كل يوم ليسد حاجتها الى النقود ،،
فبدأت تتذلل وتبكِ لأى صاحب عمل ، وتترجاه أن يُحملها ضعف العمل حتى لو بنصف الأجر المهم أن تعمل كى تعيش هى وجدتها
وبدأ بعض أصحاب العمل يستغلون حاجتها للمال ويحملونها من الأعمال ما يقوم به إثنين أو ثلاثة ،،
وبدأت ليلة تغيب فى العمل وتتأخر فى الرجوع للبيت ، وجدتها تقلق عليها وتحزن كثيراً من أجلها لكن ما عاد بيدها شيء تفعله لها إلا أن تدعو لها أن يحميها ربها من شر الناس ،،
وبدأ الأمر يتكرر وأصبحت ليلة لا تعود للبيت إلا بعد آذان العشاء ،،
وكلما أتت من عملها ترمى بنفسها فى حضن جدتها تبكِ وتحكِ لها عن إستغلال الناس لحاجتها للعمل وكيف يحملونها فوق طاقتها ،،
فتبكِ جدتها معها وتربت على ظهرها فى حنان وتقول لها تحملى يابنيتى فلابد من فرج قريب من عند الله فلا تحزنى ،،
لكن جدتها كانت دائما توصيها أن تبقي مخفية الملامح بملابسها الفضفاضة وخمارها الذى يٌخفى جمالها وشبابها حتى لا يطمع فيها أحد ،،
وليلة نفسها لم تكن بحاجة لأن يوصيها أحد فهى لم تكن تكترث لجمالها حتى تُظهره أو تُخفيه ، وكانت تفعل كل ما توصيها به جدتها وأكثر ،،
🌠🌠🌠
ومرت الأيام هكذا حتى أتى يوم وتأخرت ليلة أكثر من أى يوم مضى ، وكانت تمشى فى الظلام وحيدة عائدة من خارج البلد فى طريقها الى البيت تكاد أقدامها لا تحملها من شدة التعب ،
وفجأة ظهرت أمامها سيارة مسرعة تتعالى منها ضحكات مبتزلة ، ولم تكد ليلة تستوعب أى شيء عن هذه السيارة ومن بداخلها ،،؟؟ حتى فقدت وعيها ودخلت فى غيبوبة وآخر كلمات سمعتها كانت صرخات لفتاتين أو أكثر يصرخن وتقول إحداهن لشخص معهم : لقد صدمت إمرأة بالسيارة ياحسن باشا !!
ولم تسمع ليلة أكثر من هذا ،،
تعليقات: 0
إرسال تعليق