رواية (المذكرات) الملعونة الفصل الاول1بقلم اماني الشهيد
فى ليلة من ليالى الشتاء القاسية ، كانت السماء المظلمة ترعد و تزمجر وكأنها أصوات غاضبة ، ثم تبعث بصاعقة برق تضئ ظلمة الليل الغاضب ،،
وعلى الأرض كانت هناك بلدة فقيرة يقطنها عدة أسر بسيطة تسكن بيوت الطين ، متهالكة الجدران ، والتى يزيدها هذا المطر الجارف فى هذه الليلة الممطرة تهالكاً ،،
كان القدر على موعد ليكتب أولى سطور حكاية جديدة يرويها الزمان ،،
فى بيت من بيوت هذه القرية البسيطة ، ومع صوت الرعد والمطر الذى مازال يجرف بعض الطين من جدران البيوت ،،
كانت زينب زوجة حسان الراوى التى تنتظر أن تضع مولودها الأول بدأت تأتيها آلام الوضع مبكراً عن موعدها بإسبوع أو أثنين ،،
ومنذ أول الليل بدأت آلامها تزداد وصرخاتها تتسابق مع الرعد الغاضب فى السماء ، تجلس بجوارها أمها ، ليس بيدها حيلة إلا أن تدعو الله أن يكن مع إبنتها فى هذا الوقت العصيب ،،
وزوجها حسان لا يستطيع الخروج ليأتى بالقابلة ، لأن زينب إستحلفته بحياتها ألا يخرج من البيت فى هذا الليل المظلم الماطر إلا بعد أن يهدأ المطر ،،
ولأن حسان لم يتزوج زينب إلا بعد قصة حب تناقلتها القرية والقري المجاورة ، فلم يكن ليخرج دون رضاها لأنه يحبها ،،
وأيضا لأنه يحبها فلم يتحمل أن يراها تتألم وهو يجلس لا يحرك ساكنة ،،
فظل يحايلها لكى تسمح له بالخروج ، ليأتى لها بالقابلة تساعدها فى ولادة أول ثمرة لقصة حبهما الجميلة ،،
وبعد أن ذكرها بذكرياتهم الجميلة ولأنها لم تعد تتحمل الألم قبلت زينب أن يخرج حسان فى هذا الوقت العصيب تحت المطر والبرق الذى يضرب السماء فتضئ كالصبح ، والرعد يزمجر ،،
🌠🌠🌠
وجد حسان صعوبه كبيرة حتى وصل الى بيت القابلة ، وسط الطين الذى ملأ الطرقات من الأمطار التى مازالت تنهمر بكثرة ،،
طرق حسان باب القابلة التى تعيش وحيدة فى بيت قديم متهالك ،،
وبعد عدة طرقات سريعة من حسان على الباب خرجت القابلة تسأل من الطارق ؟
شرح حسان الوضع لها وإستحلفها بكل غالى وعزيز لتلبى طلبه وتذهب معه لتساعد حبيبته وزوجته زينب ،،
فدخلت بيتها لتأتى بما تحتاجه من أشياء لهذه المهمة ،
ولما تأخرت بضع دقائق دخل حسان خلفها ليستعجلها فقد تكون زوجته فى خطر ،،
وقد كانت تصاريف القدر تُهيئ كل شيء ليحدث المكتوب فخر البيت على حسان والقابلة ولفظوا أنفاسهم الأخيرة تحت الهدم ،،
دون أن يعلم بهم أحد غير الله المطلع على كل شيء ،،
تأخر حسان فى الرجوع لزينب ، ولم تأتى القابلة ورغم ألمها ومابها كان قلبها وعقلها مع زوجها الذى لم يعد ،
فبقيت تدعو له بالسلامة وهى تتلوى من الألم ،
ولما لم يعود حسان أو يأتى أى خبر عنه لزينب أنهكها الألم وأمها تحاول مساعدتها ومع خيوط الفجر كانت زينب قد وضعت مولودتها بعد أن مرت بأصعب ألم فى حياتها ،،
وضعتها بعد أن خارت قواها ولم تعد بمقدورها الكلام ووسط خوف أمها عليها ، وعدم خبرتها فى هذا الأمر ، خرجت الى أقرب جارة لها
لتستنجد بها عسى أن تساعدها فى رعاية المولودة الجديدو حتى تعتنى هى بأبنتها ،،
جائت الجارة لتجد الطفلة وقد لفتها جدتها لأمها ببعض الملابس القديمة وتركتها تصرخ فى أحد الأركان ،، وأسرعت ترعى أبنتها التى لم تعد تحرك ساكنة بعد وضعها لمولودتها ،،
🌠🌠🌠
وفى الصباح بدأت زينب تُدرك ما حولها ، وبدأت تتذكر أن حسان خرج منذ الليل ليأتى بالقابلة وقد مر الليل وها هى وضعت طفلتها ولم يأتى ،،
ولما أدركت هذا قامت من فراشها تقاوم يد أمها التى تحاول أن تُبقيها فى فراشها لما قاسته فى وضع طفلتها ،،
لكنها تصر على أمها أن تتركها تذهب لتعرف أين ذهب حسان ،؟؟
حبيب قلبها وأبو إبنتها التى لم تكف عن البكاء منذ أن جاءت الى هذه الدنيا ،،
ومازالت الأم تصر على زينب إذ بصراخ يتعالى فى القرية ، فشعرت زينب بشيئ يقبض قلبها ومع إقتراب الصوت من منزل حسان وزينب صرخت زينب بأعلى صوتها : حساااان دون أن تعرف سبب الصراخ الذى ملأ القريو ،،
فقدت زينب وعيها عندما شعر قلبها بفقدان الحبيب ، وإنشغلت إمها تحاول إفاقتها عندما دخلوا بعض نساء القرية يصرخن ويندبن فقدان حسان تحت الردم هو القابلة ،،
إجتمعت النساء داخل وخارج منزل حسان يصرخن ، ويلطمن الخدود ، وكلما وعتهن زينب تعاود وتفقد وعيها ،،
جزء من أهل القرية كان يقوم بتشييع حسان والقابلة الى مسواهم الأخير ،،
وجزء آخر يهتم بزينب وحالها بعد آلامها فى الولادة وفقدان زوجها حبيبها ،،
والجزء الأخير يهتم بالصراخ والعويل ،،
أما تلك الطفلة التى أتت الى الدنيا منذ ساعات قليلو فلم ينتبه لها أحد وهى تصرخ تارة ، وتصمت تارة ، ولا يتذكرها أحد وسط هذا الحزن الذى عم القرية كلها ،،
ومع مرور الوقت بدأ الحزن يهدأ شيئا فشيئاً ، وبدأت بعض نساء القرية ينتبهن الى صرخات تلك الصغيرة التى ربما تعلن عن جوع ، وربما عن ألم وربما عن حزن ،،
فرق قلب إحدى النساء وقامت بحملها وأخذت تعطيها بعض الشراب الدافئ وتهدهدها وهى تمصمص شفاها على حظ هذه الطفلة التى كتب عليها الحزن مع أنفاسها الأولى فى الدنيا ،،
وبدأت بعض النساء ينظرن لهذه الطفلو نظرة تشاؤم ويتحاشون حملها أو الإقتراب منها ،،
والقلة منهم يقولون إن ما حدث كان قدر وليس لهذه الطفلة ذنب فيما حدث لوالدها وللقابلة ،،
وإنقسمت القرية نصفين نصف يقول أن هذه الطفلة منحوسة ،،
والنصف الآخر يقول إنها ليس لها ذنب ،،
وبعد مرور عدة أيام من الحزن المتواصل بدأت زينب تنتبه للدنيا من حولها وتسأل عن إبنتها فهى أيضا أبنة حسان حبيبها ،،
ورغم إنها مازالت مريضة بدأت تهتم بإبنتها لأنها تذكرها بحبيب قلبها حسان ،،
وإختارت لها إسم ليلة وعاشت زينب كلما نظرت لإبنتها ترى فيها حسان ،،
ولم تكن تعلم زينب أن بعض أهل القرية لقبوا إبنتها بإسم ليلة منحوسة ، وبعضهم يلقبها بليلة الحزينة ،،
ولم تستطيع زينب نسيان حزنها على حسان فبقيت مريضة لا تقاوم المرض ، وتتمنى أن تلحق بحبيبها حسان الى الآخرة ،
ولم تُدرك إنها عندما طلبت أن تلحق بحبيبها نسيت إبنتها وما سوف تعانيه بعدها من ظلم الناس لها ،،
تعليقات: 0
إرسال تعليق