رواية (المذكرات الملعونة)
الفصل الخامس5
بقلم اماني الشهيد
عاشت ليلة مع جدتها وأغلقت عالمها عليهما ،،
فقد حكم عليها الناس بهذا الحكم فرضيت به لقلة حيلتها وضعفها وهى يتيمة منبوذة من أقرب الناس لها ،،
حتى أعمامها لم تراهم فى عمرها إلا عدة مرات قليلة ،،
ولم تعد تسأل جدتها عنهم كما كانت تسألها وقت أن كانت أمها على قيد الحياة ، عندما كانت تذهب لهم كل شهر مرة لتجلب من عندهم المال الذي إلتزموا به من أجل مصروف ليلة ،،
وبعد موت أمها لم تعد تطلب من جدتها أى طلب ، بل تقوم جدتها بعمل كل ما يلزمها ، وأحياناً تنادى عليها وتجبرها على الطعام وتبديل ملابسها ،،
فقدت ليلة حماسها للحياة ، فأصبحت قليلة الكلام قليلة الحركة ،
وكلما رأتها جدتها هكذا تحزن عليها ، وتحاول إخراجها من وحدتها هذه دون جدوى ،،
وبعد عدة أسابيع مرت على ليلة وهى على هذا الحال ،،
ذاع فى القرية أن الحكومة عينت شيخ من قبلها فى الجامع ،،
ولما كانت جدتها دائمة التفكير فى حل يخرج حفيدتها مما هى عليه ،،
فكرت أن تذهب بها الى شيخ الجامع حتى يقرأ عليها بعض آيات القرآن الكريم ليذهب عنها ما هى عليه من حزن ووحدة ،،
🌠🌠🌠
أخذت الجدة حفيدتها وذهبت بها الى شيخ الجامع ، وكان رجل يكسو وجهه الوقار يبلغ من العمر خمس وثلاثون عام ، أسمه الشيخ محمود ،،
معين من قبل الحكومة فى الجامع للخطابة فيه ،،
لم يكن من أهل القرية متزوج وعنده من الأبناء ولد وبنتان ،،
الولد يبلغ من العمر عشر سنوات وتصغره أخته سبع سنوات والأخيرة خمس سنوات ،،
يسكن الشيخ وأولاده فى منزل بجوار الجامع ليكون فى خدمته ويقدم الفتوى والنصح لكل من أرادها ،،
لم يكن الشيخ على دراية بحكاية ليلة وما حدث لها من أهل القرية ،،
إنتظرت الجدة حتى أتم المصلين صلاتهم وذهبوا لبيوتهم وأعمالهم ، ثم نادت على الشيخ ترجوه مساعدتها ،،
وقف الشيخ يستمع بكل إنصات للجدة وهى تطلب مساعدته فى أمر ليلة ،،
قال الشيخ للجدة : أنا بأمرك يا أمى فلتأتى معى الى المنزل فهو قريب ،،
لكنها رفضت أن تذهب معه فتعجب الشيخ من أمرها ورفضها أن تذهب معه الى البيت ،،!!
ولما ألح عليها أن يعرف سبب رفضها أن تذهب معه الى المنزل رغم قوله لها إنه متزوج وعنده من الولد ثلاثة ،،
بكت الجدة بحرقة أمام الشيخ حتى رق قلبه لمعرفة حكايتها وسبب بكائها ،،
بدأت الجدة تقاوم بكائها وتروى للشيخ حكاية حفيدتها ليلة وإبنتها زينب ، وحكت له عن وصية زينب الأخيرة والتى الى الآن لا تعرف كيف تنفذها ..؟ وهى لا تقوى على مواجهة هؤلاء الناس،،
عرف الشيخ سبب رفض الجدة أن تذهب معه الى بيته هى وليلة ،،
فأمسك ليلة الصغيرة من يدها ، وأخذ يداعبها ببعض كلمات تدخل على نفس الصغيرة البهجة وقال لها أن له من الأولاد ثلاثة ، منهم بنت فى مثل عمرها ، وطلب من ليلة أن تذهب معه الى المنزل كى تلعب معها ،،
ثم قال للجدة : لا تخافى يا أمى فأنا لا أعترف بهذه الأمور وأؤمن أن كل شيء يحدث لنا هو قدر مكتوب وأمر من عند الله نافذ ،،
إطمئنت الجدة لكلام الشيخ محمود بعد معرفته سبب رفضها الذهاب معه الى منزله ،،
وبعد إصرار الشيخ محمود على ذهاب ليلة معه ، ذهبت بها جدتها الى منزل الشيخ ،،
رحب الشيخ بالجدة وحفيدتها فى منزله ، ونادى على زوجته وأولاده يعرفهم على ليلة الجميلة وجدتها ، ورحبت الزوجة أيضا بالجدة وحفيدتها ، وسعدت إنها تعرفت على أحد أهالي القرية لإنها الى الآن لم تتعرف على أحد منهم ،،
بدأ الشيخ محمود يُحدث ليلة ويروح عنها ،
ليُخرجها من حالتها التى آلت إليها ، وكان لهذا أثره الطيب على نفس ليلة ،،
وطلب من جدتها أن تأتى بها ثلاث مرات بالأسبوع فى وقت حدده لها لكى يعلمها القراءة والكتابة ،،
وأيضا لتلعب مع أولاده لتخرج من وحدتها ،،
شعرت الجدة أن كل شيء طلبته وجدته بمساعدة الشيخ محمود ،،
وحملت له مساعدته لها جميل يطوق عنقها ،،
فأصبحت كل يوم بعد أن تقوم بما يلزم من أعمال بمنزلها تأخذ ليلة وتذهب الى بيت الشيخ محمود ، يُدرسها مع أولاده ، وبعد إنتهاء الدرس تلعب ليلة مع أولاده ،،
وجدتها تساعد زوجة الشيخ فى أعمال المنزل ،،
ومرت عدة أيام على هذا الحال حتى تعودت ليلة على أولاد الشيخ ، وأصبحت مثل أبنة رابعة لهم ، وأيضّا الشيخ محمود أصبح يعاملها مثل أبنته فأصبح يأتى لها بدفاتر الدرس والأقلام وأحيانا يأتى لها بملابس جديدة ليدخل على نفسها البهجة والسرور ،،
حتى أنه طلب من جدتها أن تأتى كل يوم لتساعد زوجته فى المنزل مقابل مبلغ شهرى يعينها على تربية ليلة ،،
وبدأت ليلة تقبل على الحياة من جديد وبذكائها بدأت تتعلم سريعاً كيف تقرأ وتكتب ،،
مرت الأيام وكل شيء كان يسير على ما يرام ، لولا أنه يوجد بالدنيا بعض البشر الذى يضرهم أن يروا أحد سعيد فيحقدون عليه ويدبرون له المكائد فقط لحقد دفين فى قلوبهم ،،
وبالرغم من أن ليلة لم تؤذى أحد ولا أرادت هذا فى يوم من الأيام ، إلا إنه كانت هناك قلوب حاقدة جعلت كل همها أذية هذه الطفلة البريئة ولم يعجبها أن تراها سعيدة ،،
تعليقات: 0
إرسال تعليق