تركت ليلة القرية وذهبت دون أن تعرف وجهتها وأين ستعيش هى وجدتها ،،
وكل ما كان يشغل تفكيرها هو حال جدتها
ومرضها ، وكيف تُعالجها وهى لا تملك شيء ،،
كانت تبكِ ولا تعرف أهى تبكِ حظها ؟؟ أم تبكِ ظلم أهل القرية لها ؟؟ ، أم تبكِ من أجل جدتها التى على وشك أن تفقدها وهى لا حيلة لها ،،
ظل حسن يقود السيارة فى صمت وهو يسمع بكاء ليلة وكأنه لا يسمعه ، بل كان شارد الذهن كأنه فى عالم آخر ، وهى لم يشغلها حاله وصمته العجيب هذا لأن حالها أستحوذ على كل تفكيرها حتى إنها لم تسأله أين سيأخذها هى وجدتها ،،؟؟
ظلت السيارة تسير والحال كما هو لأكثر من ساعة ونصف ، ولم تنتبه ليلة فى بكائها للوقت الذى قطعته السيارة ،،
لكنها فجأة نظرت لتجد نفسها بين مبان عالية من عدة طوابق متفاوته وطرق وسيارات كثيرة لم ترى مثل هذه الأماكن من قبل ،،
سألت حسن بلهفة الخائف : أين نحن والي أى مكان ستأخذنا ؟؟
لكنه أيضاً لم يرد ،،
وبعد عدة دقائق أخرى وقفت السيارة عند مبنى فخم ، مكتوب على لافتة عريضة أمامه ( مستشفى الدكتور رأفت العدوى الخاص )
ونزل حسن من السيارة وأشار للإسعاف ليستقبل الحالة ،،
جاءوا عاملين الإسعاف بسرعة وقاموا بحمل الجدة ونزلت معها ليلة دون أن تنطق بحرف ، كل ما كان يهمها وقتها هو إنقاذ جدتها ،،
دخلت ليلة مع جدتها داخل المستشفى فرأت كم هو نظيف وكل شيء فيه مبهر للأنظار وبالفعل جذب إنتباهها نظامه وأناقته ، ولم تكن تتخيل أن تُعالج جدتها فى مثل هذه الأماكن ،،
وفجأة جاء شخص يرتدي فاخر الثياب وقال لعامل الإسعاف بكل إنزعاج : كيف تُدخل مثل هؤلاء الأشخاص الى مشفانا ؟؟
هل أنت مجنون ؟؟
ألا تعرف أن مشفانا لا يستقبل مثل هذا المستوي من الناس ،،
نظرت ليلة للشخص مرة أخرى ثم نظرت للمكان وكأنها أرادت أن تراه من جديد ،،
وقالت : يبدو أن جمال المظهر لا يعنى بالضرورة جمال الجوهر ،،
يبدو أن كلماتها أثارت غضب هذا الشخص فقال : ماذا تقولين أيتها الفتاة المتشردة ؟؟
: ألا ترين وضاعة ملابسك وملابس مريضتك ؟؟
: من أين ستدفعين ثمن العلاج والإقامة فى مشفانا ؟؟
: ألا تعرفين فى أى المستشفيات أنتِ الآن ؟؟
لم ينتظر ردها ،، وقال لعامل الإسعاف بكل تكبر : هيا أخرج هذه الأشياء وألقيها بالخارج ،،
تردد عامل الإسعاف فى تنفيذ الأمر ،،
فنهره الشخص وقال : ماذا تنتظر قلت أخرجهم هيا ؟؟
فقال العامل : لكن ياسيدى أنت لا تعرف من أتى بهم الى هنا
فقال الرجل وهو فى قمة الغضب : ومن يكون هذا الذى أتى بهم ؟؟
فجاء الرد هذه المرة من خلف الرجل حينما سمع حسن بيه وهو يقول له بصوته الجهورى : أنا ،،،،
وعندما إلتفت الرجل لمصدر الصوت ورأى حسن بيه ، تغيرت ملامحه تماماً ، وكأنه تبدل الى شخص آخر وبدا مرتبكاً وهو يقول : لم أكن أعرف يا سيدى إنهم يخصوك ، وأشار لعامل الإسعاف أن يدخلهم سريعاً وينبه الأطباء أن يقدموا اللازم فى
أسرع وقت ،،
نظرت ليلة بتعجب لحال الرجل وقد تبدل تماماً !!
ثم قالت : ياله من مجتمع يُعبد فيه المال !!!!!
🌠🌠🌠
بعد خروج ليلة وجدتها من القرية نظر الأشخاص الذين شاركوا فى طرد ليلة لبعضهم بإرتياح وكأنهم قد تخلصوا من حمل ثقيل كانوا يحملونه طوال هذه السنين ،،
وهؤلاء القلة التى لم تُشارك لكنها بقيت صامتة كانت تفكر وتتساءل تُرى هل فعلاً ليلة مذنبة حتى يتم طردها ؟؟
وهل بالفعل هى منحوسة وكانت تجلب الأذى ووقف الحال للقرية كما كان الآخرين يقولون ؟؟
وإنفض الطرفان وهم على حالهم هذا ،،
طرف ينتظر الفرج بعد خروج ليلة المنحوسة من القرية ،،
والطرف الآخر يخاف من عواقب هذا الفعل إن كانت ليلة مظلومة ،،
🌠🌠🌠
بعد عدة أيام قضتها جدة ليلة بالمستشفى تحسنت حالتها بفضل رعاية الأطباء لها وإهتمامهم بها لأنها تخص حسن بيه رجل الأعمال المعروف ،،
وتبدل حال ليلة فقد أتى لها حسن بكل ما يلزمها هى وجدتها من ملابس وأقنعها إنها تستطيع أن تعمل بإحدى مصانعه فى
أى عمل تختاره وبأى راتب يرضيها ، فهو قد أتى من المعاصى الكثير ويريد تقديم المساعدة لها ولجدتها عسى أن يقبل الله توبته ويُكفر عنه سيئاته ،،
وقبلت ليلة كلام حسن لها وبدأت العمل فى أحد المصانع بأجر جيد ،،
وإستطاعت بعد عدة شهور أن تبدأ حياتها من جديد بشكل أفضل كما أمن لها حسن منزل بسيط مناسب لها ولجدتها ،،
وكان دائما ينظر لها نظرة إعجاب وتقدير ، فقد تبدل تماماً بعدما دخلت ليلة حياته لم يعد ينظر الى كل النساء تلك النظرة الدونية التى كان دائما يضع كل النساء فيها ،،
فقد إستطاعت ليلة أن تُريه أن بالكون نوع آخر من النساء غير الذى كان يملأ بهم حياته ،،
تعليقات: 0
إرسال تعليق