-->

رواية (المذكرات الملعونة) الفصل الاخير بقلم اماني الشهيد

رواية (المذكرات الملعونة)  الفصل الاخير بقلم اماني الشهيد


    رواية (المذكرات الملعونة)
     الفصل الاخير
    بقلم اماني الشهيد





    وهكذا بدأت حياة ليلة وجدتها تتغير الى الأحسن ،، وبدأ حسن يتعلق بليلة عاطفياً فقد وجد فيها كل ما كان يتمنى أن يجده فى المرأة التى كان يأمل أن يرتبط بها ، لكنه كان دائما يتردد فى أن يطلب يدها لأنه يكبرها بأكثر من عشر سنوات وهذا كان عقبة فى طريق علاقته بها ،، 

    كما إنها لا تُظهر له أى تبادل لما يشعر به نحوها ،، 
    فقد كانت أيضا تُكن له بعض المشاعر لكنها خجولة ليس لها تجارب ولم تكن تعلم أن بالحياة مثل هذه المشاعر التى تشعر بها نحوه ،، 
    وحسن بالرغم من أن ليلة لم تكن الأولى التى دخلت حياته ، فقد بدا فى تعامله معها كأنها أول فتاة يقابلها ، لذلك لم يكن يجيد التعامل معها ،،

    كانت تجربتة الأولى فى الحب وهو فى سن العشرين لفتاة أعطاها كل الحب لكنها




     فضلت عليه أحد الأثرياء بعدما أوهمته إنها تحبه ، فكان هذا حافزاً له أن يعمل ويجتهد حتى أصبح فى وقت قصير من رجال الأعمال البارزين فى المجتمع ،،
     
    ولم تكن هذه التجربة الوحيدة أيضا ، فقد إرتبطت مشاعره مرة أخرى بفتاة ، وظن أنه بعد أن أصبح ثري لا تستطيع أى إمرأة أن ترفضه وقد حدث ، لكنها خانته ، هذه التجربة كانت قادرة على جعله يعتقد أن النساء تنقسم إلى نوعان لا ثالث لهما ، نوع مادى ، ونوع خائن ،،
    وعاش حياته على هذا الإعتقاد الى أن قابل ليلة فوجدها تختلف تماماً عن معظم من قابل من النساء ،، 







    وندم كثيراً على ما أصاب من معاصي ، ولكن بقيت أمامه عقبة وهى كيف يجد الفرصة لكي يعبر لها عن مشاعره ويخاف أن تصده ويُصدم فى مشاعره للمرة الثالثة ،، 
    فأصبح هذا الموضوع يشغل كل تفكيره ويقول فى نفسه إن لم يفوز بليلة زوجة له فلن يُقدم على الزواج أبداً ،، 

    🌠🌠🌠

    أما ليلة فكانت أيضا تخاف أن يبدر منها أى تصرف يدل على حبها له ، وتكتم مشاعرها لأنها كانت تظنه لن ينظر أبداً الى فتاة مثلها ،، 
    ومرت عدة شهور على هذا الحال وكلاً منهما يخاف أن يُصارح الثانى بمشاعره ،، 
    لكن حسن كان دائم الزيارة لجدة ليلة





     ليطمئن عليها ولأنه رجل أعمال معروف فقد بدأ الناس فى نطاق عمله يتحدثون عن وجود علاقة تربطه بليلة ، فهو متقلب المزاج بين النساء ،،

    حتى أن ليلة إنتبهت لغمزات وهمزات العاملين في المصنع  ،،
    فأصرت على أن تعرف السبب ولما علمته غضبت جداً من حديثهم وشعرت أن حظها العاسر مازال يلاحقها ،، 
    فغابت عن عملها بالمصنع ولما سأل عنها حسن علم إنها متغيبة فلم يتحمل وذهب لها ليعرف سبب تغيبها ،،






    عندما وصل منزلها وفتحت له الباب وعلى غير عادتها دعته للجلوس مع جدتها دون أى ترحيب مثل كل مرة ، ودخلت ولم تخرج ثانية ، ولما شعر حسن بتغير ليلة تجاهه سأل جدتها عن سبب تغيرها وهل حدث منه شئ يدعوها أن تعامله هكذا ؟؟
    شرحت جدة ليلة الأمر لحسن وقالت له : يابنى أنا وليلة لم يعد بإستطاعتنا تحمل مزيد من ظلم الناس لنا وبعدما تركنا بلدتنا ، وجئت أنت بنا إلى هذه المدينة ، ورأينا بعض السعادة ، يصعب علينا أن نعود مرة أخرى لما كنا عليه من تعاسة أنا وحفيدتى اليتيمة ،،
    وكانت هذه فرصة لحسن أن يتقدم بطلب يد ليلة من جدتها ويبدو أن ليلة كانت تسمع الحوار فخرجت عند هذا الحد وقالت لحسن : هل طلبك هذا شفقة علينا ؟؟ أم لتمنع عنى كلام الناس ؟؟






    فرد حسن : ولماذا تسمينه شفقة ؟؟وأيضا مالى أنا وكلام الناس ، إن كلامهم لا يعنى شئ بالنسبة لي ،،
    فقالت : لكنه يعنى لى كل شيء فإن وافقت على طلبك فقد يظن الناس إنه كانت بيننا علاقة بالفعل ،،
    وكانت هذه فرصته التى عزم ألا يضيعها فأسرع يقول : أنا لا يهمنى كلام الناس ، وأيضا لن أسمح لهم أن يصيبونك بأذى بعد الآن ، فأنا أحبك يا ليلة صدقينى ، ولولا ذلك ما أقدمت على طلب الزواج بكِ ،،
    وظل حسن يشرح لليلة عن حياته وعلاقاته وتوبته ، وطلب منها أن تساعده على سلوك الطريق المستقيم بأن توافق على الزواج منه ،،
    وبعد حديث طويل معها وافقت ليلة على الزواج من حسن ، وكانت ليلة عرسها من أجمل ما يكون ، وظلت حكاية زواج حسن رجل الأعمال الشهير بليلة الفقيرة حديث المدينة لعدة شهور  ،،

    كان حسن بالنسبة لليلة نعم الزوج ، وعوضها الله تعالى بزواجها منه كل ما عانته فى حياتها السابقة ، لكنها





     لم تنسى أبداً القرية والناس فيها ومن حين لآخر تتذكر كل شيء حدث لها فى القرية ، وحسن عندما يراها حزينة يعرف إنها تذكرت القرية وحياتها فيها ،،
    فيخفف عنها ويطلب منها أن تنسى كل شيء حدث لها بالماضى ، وإستطاع أيضا أن يغير حياتها تماماً فسمح لها أن تشاركه عمله وأعطاها إدارة شركة من شركاته بعد عدة تدريبات ، وبالفعل أصبحت ليلة فى وقت قصير سيدة من سيدات الأعمال المشهورة فى مجتمعها ،،

    🌠🌠🌠

    بعد عشر سنوات مرت بسعادة على ليلة وزوجها وأيضا جدتها فهى مازالت على قيد الحياة ،، 

    أنجبت ليلة ولد وبنت وإكتملت سعادتها بهم ،،
    وبالرغم من كل هذا ظلت تراودها من حين لآخر فكرة عودتها للقرية وكلما قالت لحسن ذلك يسألها : هل تمسكك بالرجوع للقرية هو عدم قدرتك على نسيان ما حدث وعزمك على الإنتقام منهم ؟؟







    وكل مرة لا تجد ليلة الإجابة على سؤال زوجها ،،
    وبعد مرور هذه السنوات كلها وجدت نفسها قادرة على إجابة سؤال زوجها وقالت له : الآن أجد فى نفسى القدرة على السماح ، ولكن فقط أريدهم أن يعلموا إننى لم يكن لى ذنب فيما حدث من أحداث سيئة فى القرية ونسبوها لى  ،،






    ولأنه يحبها وافق أن تذهب ليلة الى أهل القرية ، وتنفذ ما تفكر به عسى أن يُشعرها هذا بالسلام الداخلى ،،

    🌠🌠🌠

    أخذ حسن ليلة وجدتها وأيضا أبناءهم وذهب قاصداً قرية ليلة ،،
    وكلما إقتربت ليلة من القرية شعرت بالرهبة والخوف ، وتفكر ماذا سيحدث لها من أهل القرية ،،؟؟
    كانت تظن أن القرية تغيرت بعد مرور عشر سنوات لكنها عندما إقتربت من مشارف القرية شعرت كأنها عادت بالزمن لعشر سنوات مضت فقد كانت بيوت القرية كما هى ، بل وبدت القرية من بعيد كأنها مهجورة ،،






    وكلما إقتربت أكثر إتضحت معالم القرية أكثر ، فظهرت مبانيها كما هى لم يحدث بها أى تجديد ومعظم بيوتها مهجورة ، وتقريباً لا يسكنها سوى بعض العائلات البسيطة ،،
    تقدم حسن بالسيارة الى وسط القرية ، وأوقفها أمام بيت يجلس أمامه رجل تجاوز السبعين من عمره ، ونزل حسن من السيارة وأيضا لحقت به ليلة ، وإتجهوا الى الرجل ولأن ليلة لم تكن تعرف سكان القرية فلم تتذكر الرجل ، لكنه رحب بهم ودعاهم للجلوس بجواره ،،







    سأل حسن الرجل قائلاً : لماذا تبدو هذه القرية مهجورة ؟؟
    فبدأ الرجل الحديث وكأنه إعتاد أن يروى قصة هذه القرية المهجورة لكل من يسأله ،،
    قال الرجل : بالماضى كانت تسكن القرية بنت إسمها ليلة وبدأ يحكى كل حكاية ليلة ، وما فعله بها أهل القرية ، الى أن جاء الى اليوم الذى طُردت فيه ليلة من القرية ، كل ما مضى من حديث





     الرجل كان معروف بالنسبة لليلة وحسن ، أما ما حدث بعد ذلك فقد تشوقوا أن يعرفوه فصغوا للرجل بكل شغف ،،

    قال الرجل : بعدما طرد أهل القرية ليلة ، ظنوا أنهم طردوا الحظ السيئ من القرية ، وعاشوا يترقبوا الخير الذى سيعم على القرية بعد ذلك ،،
    لكن بمرور الأيام لم يتغير شيء بل ساءت الأحوال ، وبدأ بعض الناس الذين لم يشاركوا فى طرد 





    ليلة يلوموا من طردوها ، ويتهمونهم بأنهم سبب ما حل بالقرية ، بعد ظلمهم لليلة وطردها من القرية ، وظلوا هكذا الى أن جاء يوم وقرر بعض الناس أن يدخلوا بيت ليلة وجدتها ويتخلصوا من كل أثر لهم بالقرية عل وعسي تتحسن الأحوال ،،
    وبالفعل دخلوا البيت وأخرجوا ما به ، وكانوا يُصرون على حرق كل محتويات البيت ، لولا أنهم وجدوا كتاب به كتابات بيد ليلة تحكى فيه عن ظلمهم لها ، وتشتكيهم الى ربها ، وشملت هذه المذكرات كل أنينها وألمها ، وبعد أن قرأوا كل ما فيه كان لهذه المذكرات الأثر العظيم عليهم ، وبدأوا يلوموا أنفسهم على






     ما فعلوه بليلة اليتيمة ،،
    ومنذ أن قرأوا هذه المذكرات كل من شارك فى طرد ليلة وحتى من صمت حين ظُلمت لم ينجو من لعنة هذه المذكرات الملعونة ،،

    ومع مرور الوقت بدأ الناس يتركون القرية ويهجرونها وهم يظنون أن مذكرات ليلة المظلومة أصابت القرية باللعنة ،،
     وهكذا أصبحت القرية مهجورة إلا من بعض البيوت البسيطة ،،

    🌠🌠🌠

    بعدما سمعت ليلة حديث الرجل شعرت أن الله حقق العدالة لها في من ظلموها ، فقد عذب أهل القرية فقط بإعتقاداتهم الخاطئة ،، فبدلاً من أن يُرجعوا الأسباب لرب الأسباب ظلموا أنفسهم وظلموا غيرهم ،،
    ولم يبحثوا عن السبب الحقيقي فى ضمائرهم  الفاسدة ،،






     وبعد زيارة ليلة للقرية ومعرفة ما حدث ،، شعرت بالسلام وسامحت وعادت الى حياتها لا تحمل فى قلبها غير الحب ، ولم تعد تتألم كلما تذكرت ما حدث لها فى القرية ، وكل ما سطرته يداها فى المذكرات التى سماها أهل القرية بالمذكرات الملعونة ،،،،






                             تمت
    مهرجان الرويات
    @مرسلة بواسطة
    كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع مهرجان الروايات .

    إرسال تعليق