رواية (المذكرات الملعونة)
الفصل الثالث3
بقلم اماني الشهيد
وقفت ليلة متعجبة مما تقوله هذه السيدة ،،!! وهى تُشير إليها وتتهمها بأنها تسببت في جرح إبنها،،
وتجولت ليلة بنظرها بين من جاء من أهل القرية لمعرفة سبب صراخ المرأة ،،؟ لتجد فى عيونهم نفس نظرة الإتهام ،،
ودون أن تفهم أى شيء مما يحدث بدأ الخوف يملأ نظراتها البريئة وتراجعت بخوف الى منزلها ، وذهبت وجسدها يرتجف الى أمها تحكى لها ما حدث ، وتسألها لماذا يتهمها الناس بالخارج إنها تسببت بجرح الطفل؟؟
وهى لم تفعل له شيء ؟؟!!
بل أرادت فقط أن تلعب معهم كما يلعبون ؟؟
وظلت ليلة تسأل أمها وتبكِ ،،
والأم تبكِ على بكاء إبنتها ، ولا تجد ما تجاوبها به ،،
وأخذت زينب تهدهد إبنتها ، وتقول لها إنها أجمل فتاة فى القرية ، لذلك لا يجب عليها أن تلعب مع الأولاد فى الشارع ،،
لم تقتنع ليلة بكلام أمها فقد رأت فتيات مثلها يلعبن مع الأولاد فى الشارع ،،
ولما قالت لأمها ذلك وسألتها لماذا هى بالتحديد الذى ينطبق عليها هذا الحكم ؟؟
لم تجد زينب جواب تقنع به أبنتها ، فقد كانت ليلة حادة الذكاء ، ويشغلها هذا الموقف وتبحث عن أجوبة لكل سؤال دار بعقلها
لم تستطيع زينب أن تصارح إبنتها بحقيقة إعتقاد أهل القرية فيها وهى بهذه البراءة ،،
وأيضا لا تقوى على مواجهة أهل القرية بخطأ إعتقادهم عن إبنتها ،،
فكان هذا هم آخر فوق همومها ، وزاد مرضها مع مرور الأيام وهى ترى أبنتها وقد حكم عليها أهل القرية بالسجن فى المنزل ممنوعة من اللعب مع أولادهم ، وبعد حدوث حادثة الطفل هذه بدأ الناس يتجنبوا زينب وأبنتها أكثر وأكثر ،،
🌠🌠🌠
فكرت زينب أن تبعث إبنتها الى المدرسة لتتعلم القراءة والكتابة ، تحاول بهذا إدخال بعض البهجة عليها بخروجها من هذا السجن المحكوم عليها به ،،
صارحت زينب أمها بما فكرت به من أجل إبنتها وأن هذه أمنيتها الأخيرة ،،
كانت أم زينب تعرف أن أمنية أبنتها على بساطتها لكنها صعبة التحقيق ،،
فقد تواجه بعض الصعوبات مع أهل القرية لأنهم لن يقبلوا بوجود ليلة مع أبناءهم بالمدرسة ،،
ومع إصرار زينب على تحقيق أمنيتها من أجل أن تُعلم إبنتها ذهبت أم زينب لتقدم أوراق ليلة بالمدرسة ،،
وكانت المدرسة خارج البلدة لأنها تخدم عدة قرى أخرى قريبة منها ،،
وبالفعل قبل ناظر المدرسة أوراق الطفلة ليلة ، ومع بداية الدراسة ذهبت الجدة بحفيدتها الى المدرسة ، وليلة بقمة سعادتها أنها سوف تذهب كل يوم الى المدرسة ويمكنها أن تلعب مع الفتيات من سنها ،،
مر يومين وكل يوم فى الصباح تقوم الجدة بتوصيل حفيدتها الى المدرسة ، وفى الظهيرة تعود بها الى المنزل ، حتى لا ترافق أبناء القرية فى ذهابهم ومجيئهم منعاً للمشاكل ،،
🌠🌠🌠
ومر على هذا الحال أسبوعين دون أن يحدث شيء ، وليلة بذكائها متفوقة على زميلاتها وسريعة التعلم ،،
حتى إنها لفتت إنتباه معلميها لذكائها فأصبح أغلب المعلمين يهتموا بها ويمدحوا ذكائها أمام زملائها ،،
كان مع ليلة بالصف بعض ابناء القرية لكنهم لم يكونوا بقدر ذكاء ليلة ،،
ومع مرور الوقت بدأ الأطفال يذكرون أمام أمهاتهم و أبائهم خبر ليلة بنت قريتهم التى يمدحها المعلمون فى المدرسة ،،
ولم يكن الشيطان ليترك فرصة مثل هذه تمر بسلام ،،
وبدأ يوسوس فى رأس إحدى الأمهات وهى ترى إبنتها وإبنها ليسوا فى ذكاء تلك البنت المنحوسة فى إعتقادها ، وربما يكون قربهم من تلك البنت أصابهم بالغباء ،
وإطمئنت المرأة لما دسه برأسها الشيطان وهوى نفسها ، فصدقت أن ما بأولادها من عدم تفوق فى المدرسة هو بسبب ليلة بنت حسان الراوى ،،
ولم تكن لتصمت وقلبها يغلى حقداً من هذا الأمر ،،
فذهبت لبعض جيرانها وبدأت تقنعهم أن وجود ليلة بنت حسان بالمدرسة مع أولادهم سوف يزيد غباء أبناءهم ولن يتفوقوا أبداً ،،
وبمكر ودهاء النساء أقنعت بعض نساء القرية بهذا الكلام ، وأصبحت القرية فى وقت قصير ليس لها حكاية سوى كيف لهم أن يمنعوا ليلة من الذهاب الى المدرسة ،،
🌠🌠🌠
وبالفعل أجمع أهل القرية على الذهاب الى بيت زينب ليجبروها على أن تُخرج إبنتها المنحوسة من المدرسة ، وأمام أعين ليلة وسمعها طلبوا من زينب أن تُخرج إبنتها من المدرسة ولأول مرة بعد وفاة حسان تقف زينب أمام أهل القرية لتواجههم بسوء فعلهم معها هى وإبنتها ،،
نظرت ليلة لأمها وقد دبت فيها قوة غير مسبوقة ، فهى دائما تراها ضعيفة يهزمها المرض ،،
هى لم تُدرك بعد ما يدور حولها ، وبدأت تتسائل ما هو سبب غضب الناس منها هى وأمها ،،؟ وطلبهم أن تترك المدرسة وهى لم تؤذى أحد منهم بل هى تحمل قلب يملأه السلام ،،
رأت ليلة أمها تقف كأنها نمرة تدافع عن صغيرتها ، وسمعتها تقول لأهل القرية إنها لن تُخرج ليلة من المدرسة مهما فعلوا ،،
وأن هذه أمنيتها لإبنتها ، وأنه حق من حقوقها لن تتخلى عنه ،،
وبدأ أهل القرية يهددون زينب بتقديم شكوة بالمدرسة لوجود ليلة المنحوسة بجوار أبنائهم ، وهى وحدها ، أما هم فكثرة وسوف يأخذ المسؤلين عن المدرسة شكوتهم بعين الإعتبار ،،
تعليقات: 0
إرسال تعليق